النموذج الأولي لـ Info Finance: كيف يمكن لسوق التنبؤ أن يتطور من "المراهنة على المستقبل" إلى "التأثير على المستقبل"؟

عندما تسمع مصطلح "سوق التنبؤ"، ما هو أول ما يخطر ببالك؟

معظم الناس سيربطونه بالتأكيد بالمراهنات الرياضية أو المضاربات المالية، وهذه الصورة ليست من فراغ، لكن منذ بداية هذا العام، يشهد سوق التنبؤ تطوراً ملحوظاً ليصبح وسيلة جديدة لنقل المعلومات الاجتماعية—في "سوق التنبؤ"، تكون نتيجة اللعبة نفسها هي مصدر المعلومات الاجتماعية الأكثر عدلاً وتسعيراً من قبل أكبر عدد من الناس.

خاصة في أسواق التنبؤ التقليدية، غالباً ما تكون آلية المشاركة وعملية التسوية محاطة بالغموض، لكن ظهور الحلول على البلوكشين منح "التنبؤ" لأول مرة هيكلية علنية وقابلة للتحقق.

كما أشار Vitalik Buterin، المؤسس المشارك لـ Ethereum، في المنتدى الرئيسي لـ ETHShanghai 2025، خلال الانتخابات الأمريكية، شارك العديد من الأشخاص في التنبؤ عبر Polymarket، وهذا بحد ذاته نجاح، حيث يثبت أن سوق التنبؤ قادر على تجميع المعتقدات الحقيقية للجمهور بكفاءة (للمزيد: "لحظة اختراق سوق التنبؤ: دخول ICE، تعزيز Hyperliquid، لماذا تتنافس الشركات الكبرى على 'تسعير عدم اليقين'؟").

سيحاول هذا المقال أيضاً كشف هذه الإمكانية الخفية التي بدأت تظهر تدريجياً، ومناقشة كيف يمكن لسوق التنبؤ أن ينتقل من تسعير عدم اليقين إلى التأثير العكسي على الاتجاهات المستقبلية للعالم الواقعي.

أولاً: من "المراهنة" إلى "التنبؤ" = مصدر معلومات أكثر دقة

في نهاية المطاف، كانت أسواق المراهنات التقليدية التي تقتصر فقط على مجالات قليلة مثل الرياضة، مجرد "تصويت على المستقبل"، حيث يقرر الجميع من يجب أن يراهنوا على فوزه أو خسارته بناءً على حكمهم أو الاحتمالات، وتقتصر قيمتها الأساسية على الترفيه والمقامرة.

أما سوق التنبؤ على البلوكشين، فهو أشبه بـ "تداول الإدراك"، وسبب بروزه في عصر المعلومات هو أنه حل مشكلتين رئيسيتين في قنوات المعلومات التقليدية:

من جهة، غالباً ما تهيمن وسائل الإعلام التقليدية على الأجندة والرأي العام من قبل قلة من الناس، مما يصعب عكس أهمية الأحداث والإدراك العام بدقة؛ ومن جهة أخرى، تفتقر الاستطلاعات التقليدية والدراسات إلى الحوافز الاقتصادية، ويمكن للمشاركين الإجابة بشكل عشوائي دون دافع للإفصاح عن معتقداتهم الحقيقية (انتخابات الولايات المتحدة 2016 مثال نموذجي على التباين الكبير بين الاستطلاعات والواقع).

المصدر: Xinhua Net

وقد تجنب سوق التنبؤ هذه العيوب بشكل مثالي، فهو يستخدم "السعر" كلغة عالمية وقابلة للقياس الكمي، ليجمع الأحكام الفردية ذات الدوافع الاقتصادية الحقيقية من جميع أنحاء العالم، وبالتالي يمكنه من خلال إشارات الأسعار التقاط اتجاهات العالم الواقعي بشكل أسرع وأكثر ديناميكية، ولهذا لم يعد مجرد "منتج مالي"، بل أصبح وسيلة جديدة لنقل المعلومات.

عندما ننظر إلى الانتخابات الأمريكية لعام 2024 أو توقعات سياسات العملات الرقمية، سنجد أن نتائج التنبؤ على منصات مثل Polymarket غالباً ما تكون أقرب إلى النتيجة النهائية من الاستطلاعات، بما في ذلك الرهانات الأخيرة حول عفو CZ، حيث ارتفعت احتمالية العفو بشكل مطرد قبل صدور أي بيان رسمي.

وغالباً ما تكون هذه الإشارات السوقية أكثر استشرافاً ودقة من التخمينات الشخصية أو التعليقات غير المحفزة.

وعلاوة على ذلك، مع دعم الذكاء الاصطناعي، يمكن توسيع سوق التنبؤ ليشمل أحداثاً أصغر وأكثر تفصيلاً، لأن نماذج الذكاء الاصطناعي يمكن أن تصبح مشاركاً نشطاً في السوق، بما في ذلك جمع البيانات باستمرار، وتحديث الاحتمالات، وتوليد التنبؤات تلقائياً.

وهذا يعني أن سوق التنبؤ في المستقبل لن يكون مجرد ساحة تنافس بين البشر، بل قد يصبح شبكة إدراك مشتركة بين "البشر + الذكاء الاصطناعي"، مما يزيد بشكل كبير من نطاق ودقة التنبؤ بالمعلومات.

ثانياً: آلية تسعير اجتماعية "غير قائمة على الثقة"

من هذا المنظور، فإن أكبر ابتكار أو اختراق في موجة أسواق التنبؤ الحالية لا يكمن في السماح للناس بالمراهنة، بل في جعل الرهان موثوقاً وشفافاً وقابلاً للتركيب.

على الرغم من أن منطق إنشاء وتداول وتسوية أسواق التنبؤ حالياً قد لا يتم تنفيذه بالكامل عبر العقود الذكية، إلا أن آليته الأساسية تعتمد على البلوكشين لتحقيق قدر أولي من إلغاء الثقة وأوسع مشاركة/تسوية:

• تضمن العقود الذكية أن منطق إنشاء وتسوية السوق لا يمكن تغييره، وتضمن أوراكلز عدالة الحكم على النتائج (رغم أن الأوراكلز نفسها بحاجة إلى تحسين، لكنها على الأقل جهد نحو اللامركزية)؛
• تسمح العملات الرقمية بالدخول والخروج من السوق لأي شخص في أي مكان في العالم، مما يجمع حكمة جماعية أوسع؛

وبذلك أصبح سوق التنبؤ آلية تجميع معلومات قائمة على الثقة الحسابية، حيث يصبح السعر إحداثية شفافة تعكس الإجماع.

المصدر: مدونة Vitalik

وهذا يشكل أيضاً نموذجاً أولياً لما يسمى بالتمويل المعلوماتي (Info Finance)، أي أن سوق التنبؤ ليس مجرد تطبيق منفصل، بل يمكن دمجه مع وحدات DeFi لتشكيل مفهوم التمويل المعلوماتي. وقد أشار Vitalik Buterin إلى أن سوق التنبؤ هو مجرد شكل مبكر من التمويل المعلوماتي، وفي المستقبل يمكن تسعير أي أمر غير مؤكد بطريقة سوقية.

وهذا يعني أن سوق التنبؤ لن يقتصر بعد الآن على السياسة أو الرياضة، بل يمكن دمجه في الحوكمة والبحث العلمي والمناخ وتقييم نماذج الذكاء الاصطناعي وغيرها من السيناريوهات الأوسع، "ابدأ من الحقيقة التي تريد معرفتها، ثم صمم سوقاً لاستنباط تلك المعلومة بأفضل طريقة"، بما في ذلك:

• حوكمة DAO: يمكن للأعضاء إنشاء سوق تنبؤ حول نتائج المقترحات، ليعكس سعر السوق توقعات المجموعة؛
• البحث العلمي والابتكار: استخدام السوق لتسعير مصداقية النتائج العلمية؛
• الذكاء الاصطناعي والخوارزميات: يمكن للذكاء الاصطناعي المشاركة في مهام التنبؤ منخفضة السيولة، وتحديث الاحتمالات تلقائياً عبر النماذج؛

وبذلك يتطور سوق التنبؤ من منتج مالي إلى "آلية تسعير اجتماعية".

بالإضافة إلى ذلك، هناك تطور مهم آخر وهو اتجاه تحويل سوق التنبؤ إلى أصول، مثل دمج منطق العوائد الخاص بـ DeFi مباشرة على البلوكشين: حيث يتم تحريك سيولة السوق بواسطة AMM، ويمكن للمستخدمين كسب رسوم مثل مجمعات السيولة في DeFi؛ أو يمكن تحويل مراكز التنبؤ (مثل حصص YES/NO) إلى Tokens وتداولها بحرية في أسواق ثانوية أوسع؛ وفي التصاميم المستقبلية، قد يتم تضمين هذه الـ Tokens في بروتوكولات الإقراض لتحقيق عوائد مركبة.

بعبارة أخرى، لا يمكن لسوق التنبؤ فقط تسعير المستقبل، بل يمكنه أيضاً منح حامليه عوائد مستمرة، ليصبح الرهان سلوكاً استثمارياً يدر تدفقاً نقدياً.

ثالثاً: مستقبل سوق التنبؤ، قد يغير المستقبل فعلاً

في ظل هذا الاتجاه، من المحتمل جداً أن يبدأ سوق التنبؤ في التأثير عكسياً على مجريات العالم الواقعي.

بالطبع، هذا اتجاه لا يزال خفياً إلى حد كبير حالياً، ولا يناقشه الكثيرون، لكنه يستحق الانتباه—عندما يتجمع المزيد من الأموال واللاعبين الكبار على طاولة سوق التنبؤ، سيبدأ هذا التأثير بالانتقال تلقائياً إلى العالم الواقعي، ليكتسب القدرة على التأثير في الواقع.

خاصة بعد انتشار خبر دخول Trump Media Group إلى مجال سوق التنبؤ، مما يشير إلى أن سوق التنبؤ سيصبح أكثر اندماجاً في الأنشطة الاقتصادية الواقعية.

المصدر: Trump Media

لنأخذ مثالاً متطرفاً: إذا راهن معظم الاقتصاديين العقلانيين في سوق ما على فوز مرشح معين، فلن يرتفع سعر السوق فقط، بل قد تتأثر حتى سلوكيات التصويت الحقيقية بإشارات الأسعار. وإذا تم توجيه النتائج بأموال ضخمة، سيكتسب سوق التنبؤ القدرة على تغيير النتائج.

ببساطة، يدفع سوق التنبؤ جميع الناس المفترضين "اقتصاديين عقلانيين" إلى واجهة القدر، وفي عملية تداول الإجماع، يتدخل دون قصد في اتجاه هذا الإجماع، وعندما يصبح "التأثير على النتائج بالمال" مربحاً، يكتسب القدرة على تغيير الحقائق.

المثير للاهتمام، أنه في اجتماع الأرباح للربع الثالث من Coinbase الذي انتهى للتو، أجرى Brian Armstrong، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لـ Coinbase، تجربة "فنية لسوق التنبؤ" على الهواء مباشرة.

عندما انتهى المحللون من طرح الأسئلة، ابتسم وقال: "لاحظت أن هناك من يراهن في سوق التنبؤ على ما إذا كنت سأذكر بعض الكلمات الرئيسية في مكالمتي اليوم"، ثم قام بذكر جميع هذه الكلمات دفعة واحدة—وبالتالي ارتفعت احتمالية الفوز في Polymarket إلى الحد الأقصى~

هذه مزحة، لكنها أيضاً إشارة وتجربة صغيرة:

قد لا يقتصر دور سوق التنبؤ في المستقبل على التنبؤ بالمستقبل فقط، بل من خلال جعل السعر إشارة، قد يصبح بالإمكان أن تغير هذه الإشارة العالم، ليكتسب القدرة على التأثير في المستقبل.