أصبحت مؤسسة ADI سريعًا واحدة من أكثر الكيانات متابعةً في مجال البنية التحتية الرقمية العالمية، نظرًا لنطاق وسرعة ودقة ما تُنشئه.
عندما أعلن بنك أبوظبي الأول (FAB) والقابضة (ADQ) والشركة العالمية القابضة (IHC) في أبريل 2025 عن خطتهم لإصدار عملة مستقرة مدعومة بالدرهم الإماراتي، مثّل ذلك خطوة مهمة في المشهد المالي لدولة الإمارات العربية المتحدة. ومع ذلك، يُدرك المطلعون الآن أن العملة المستقرة ليست سوى جزء واحد من مهمة أوسع: تطوير شبكة ADI، وهي شبكة بلوكتشين مصممة لترسيخ رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة للبنية التحتية الرقمية المنظمة والقابلة للتطوير والمترابطة.
من الرؤية إلى السرعة
تأسست مؤسسة ADI من قِبل شركة “سيريوس” الدولية القابضة، الذراع الرقمي لشركة IHC، وهي تحمل رسالة واضحة: دمج مليار شخص في شبكة البلوكتشين بحلول عام 2030. لكن تميزها لا يكمن في الطموح نفسه، بل في سرعة تنفيذه.
في منظومة IHC، يعمل الوقت بشكل مختلف. ما قد يستغرق شهورًا في أماكن أخرى قد يُنجز في أيام هنا. وبفضل الدعم المتمثل في الامتداد المؤسسي لشركة IHC، وثقافة سيريوس التشغيلية، ومنهجية الحوكمة طويلة المدى في أبوظبي، تتعامل مؤسسة ADI مع تقنية البلوكتشين ليس كفرصة مضاربة، بل كضرورة أساسية للبنية التحتية الرقمية.
هذه ليست شركة ناشئة تبحث عن توجه، بل هي مؤسسة تتحرك بإيقاع منظومة عالمية قائمة تشمل التمويل والطاقة والخدمات اللوجستية والرعاية الصحية والتكنولوجيا، مما يمنحها قاعدة مستخدمين محتملة حتى قبل بدء الإطلاق العام.
شبكة ADI: طبقة البنية التحتية للاقتصاد الحقيقي
تتمحور هذه المبادرة حول شبكة ADI، وهي شبكة بلوكتشين مؤسسية مصممة خصيصًا بالأطر العالمية للامتثال ، ومُعدّة لدعم أنظمة العالم الحقيقي بدلًا من التجارب التجريبية المنعزلة. ووفقًا لوثائقها العامة، تستفيد بنية شبكة ADI من تكنولوجيا التحقق المعرفي الصفري (ZKP) لضمان قابلية التوسع، إلى جانب توافقها مع إيثيريوم لضمان الانفتاح والتشغيل البيني.
كما أن شبكتها بنسختها التجريبية نشطة بالفعل، مما يُشكل تأكيدًا مبكرًا على جاهزية البنية التحتية. بدءًا من الأصول المالية الرقمية وأطر الهوية الرقمية، وصولًا إلى سجلات سلسلة التوريد وأنظمة الدفع الوطنية، صُممت الشبكة لخدمة المؤسسات التي تحتاج إلى أنظمة آمنة وقابلة للتدقيق ومتوافقة مع المعايير، وليس لبيئات التداول المضاربة.
بالنسبة لمؤسسة ADI، فقد انتقل عصر بلوكتشين من التجربة إلى التنفيذ. والسؤال الآن لم يعد ما إذا كانت بلوكتشين تعمل، بل مدى اندماجها في البنية التحتية الاقتصادية العالمية.
نهج منظم ولكن مفتوح
يمنح التوافق التنظيمي لمؤسسة ADI ميزة فريدة على الصعيدين الإقليمي والعالمي. فهي مرخصة بموجب نظام مؤسسات نظام تقنية البيانات الموزعة Foundation Regime DLT التابع لسوق أبوظبي العالمي، وحصلت عملتها المستقرة المدعومة بالدرهم الإماراتي (AED) على موافقة مبدئية من المصرف المركزي لدولة الإمارات العربية المتحدة. ومن المتوقع أن تتعاون مع VARA مع نضج منظومتها، لا سيما في مجالات مثل الحفظ الأمين، وخدمات الوساطة، وإصدار الممثلات الرقمية في مرحلة لاحقة.
إنّ هذا التوافق متعدد الاختصاصات ليس شكليًا، بل هيكلي. إذ، يتوافق نموذج حوكمة المؤسسة مع المعايير الدولية للامتثال. وعلى الرغم من أن مؤسسة ADI نفسها ليست مزود خدمة أصول رقمية (VASP) وفقًا لتعريفات FATF أو ADGM، إلا أنها توفر البنية التحتية للمؤسسات المنظمة لبناء وتشغيل شبكة ADI. ويُطلب من شركاء النظام البيئي، مثل المنصات وأمناء الحفظ ومنصات الدفع على شبكة ADI، الامتثال لقواعد السفر الخاصة بـ FATF ولوائح ADGM، حيث تقدم المؤسسة أدوات فنية وإرشادات لدعم هذا الامتثال.
بدلاً من كونها نظامًا مرخصًا فقط، تضع ADI Chain نفسها كشبكة منظمة ولكن مفتوحة، تدعو المؤسسات إلى الابتكار بثقة ضمن أطر عمل يمكن للجهات التنظيمية فهمها والإشراف عليها.
التغلب على العقبات القادمة
حتى مع مزايا الحجم والدعم التنظيمي، يظل الطريق أمام مؤسسة ADI مليئًا بالتحديات وليس مضمونًا. وتشمل هذه التحديات جوانب تقنية ومنهجية تتطلب تخطيطًا دقيقًا وتنفيذًا متقنًا.
1- قابلية التشغيل البيني والاتصال عبر الشبكات
لتحقيق وعدها المؤسسي، يجب أن تتصل شبكة ADI بسلاسة مع أنظمة بلوكتشين العالمية. السؤال ليس ما إذا كانت الشبكة قادرة على العمل، فشبكتها التجريبية تعمل بالفعل، بل مدى كفاءتها في التفاعل مع الشبكات الأخرى والعملات المستقرة، لتمكين وظيفة التبادل على الشبكة والسيولة عبر الشبكات. بدون ذلك، يظل التبني محدودًا محليًا بدلًا من أن يكون عالميًا.
2- ممثل الخدمة الرقمي وهيكل السوق
سيكون ممثل الخدمة الرقمي التابع للمؤسسة محوريًا في تحديد النموذج الاقتصادي للشبكة. إذ يحدد هيكله وتوزيعه وحوافزه على الشبكة ما إذا كان المطورون والمستخدمون سيجدون قيمة مستدامة في المشاركة، أم سيبقى الممثل الرقمي مجرد أداة تشغيلية. من هنا، يصبح تصميم نموذج موثوق وشفاف يتماشى مع التوقعات المؤسسية ويشجع مشاركة المطورين أمرًا بالغ الأهمية.
3- جاهزية البيانات وسرعة التكامل
يكمن التحدي الرئيسي التالي في جاهزية مجموعات البيانات من المؤسسات والجهات التي ستنضم إلى النظام البيئي. ولكي تنجز شبكة ADI العمل بنفس وتيرة بنائها، يجب على المؤسسات الشريكة أن تكون قد بدأت بالفعل في رقمنة وهيكلة طبقات بياناتها الداخلية. وبدون هذا العمل التمهيدي، ستتباطأ عملية ربط الأنظمة الواقعية بالبنية التحتية الرقمية، مما يصعّب “تسريع وتيرة العمل” على النطاق الذي تتصوره Sirius وIHC.
4 – التجزئة التنظيمية والتعقيد الاتحادي
يُعد العمل عبر الأنظمة البيئية التنظيمية المتعددة في دولة الإمارات العربية المتحدة، البنك المركزي، وسوق أبوظبي العالمي، وهيئة الأوراق المالية والسلع، وهيئة تنظيم الأصول الرقمية، عملية موازنة دقيقة. فلكلّ جهة صلاحياتها وتعريفاتها الخاصة بالأصول الرقمية، وقد يكون توحيد هذه الأطر في نموذج تشغيلي موحد لشبكة ADI Chain بنفس تعقيد بناء التكنولوجيا نفسها. وهذا يعكس طبيعة الهيكل الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة وتطورها المستمر نحو حوكمة منسقة للأصول الرقمية.
منظومة متكاملة برؤية عالمية
إنّ ما يميز شبكة ADI ليس وعدها بالتبني المستقبلي فحسب، بل إمكانية تبنيها بالفعل. انطلاقًا من منظومة IHC الشاملة، ذات الحضور القوي في قطاعات التمويل والطاقة والعقارات والرعاية الصحية والخدمات اللوجستية، تمنح الشبكة تأثيرًا شبكيًا مدمجًا لا تمتلكه إلا قلة من شبكات البلوكتشين الجديدة.
وتبرز هذه الميزة الفريدة أن التحدي الحقيقي لشبكة ADI ليس جذب المستخدمين، بل تحقيق التكامل بين الأنظمة المختلفة، ومدى اندماجها في الاقتصاد الرقمي الأوسع.
إعادة رسم أبعاد الزمن
هذا ولا تتمحور قصة مؤسسة ADI حول السرعة بحد ذاتها، بل حول الدقة على نطاق واسع وبناء بنية تحتية متينة.
لقد أثبتت دولة الإمارات العربية المتحدة قدرتها على توفير وضوح تنظيمي أسرع من معظم الدول، والآن تختبر مؤسسة ADI إمكانية ترجمة هذا الوضوح إلى تكنولوجيا قادرة على المنافسة عالميًا.
إلى ذلك، ستحدد المرحلة القادمة قدرة شبكة ADI على الانتقال من نظام مصمم هندسيًا جيدًا إلى شبكة مالية حيوية، قادرة على ربط الامتثال بالإبداع، والتنظيم بالوصول، والطموح بالثقة.
وفي هذا السباق، لا تسعى مؤسسة ADI وراء الوقت فحسب، بل تُعيد تعريف كيفية قياس الوقت في بناء مستقبل التمويل الرقمي.
