تتزايد الدعوات في الأوساط السياسية والاقتصادية لترسيخ مكانة هونغ كونغ كمركز عالمي رائد في إصدار العملات المستقرة. ويأتي هذا الطرح من ياو تشي شنغ، عضو اللجنة الوطنية للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، الذي شدّد على أن المدينة تمتلك مقومات فريدة تؤهلها لتكون محورًا عالميًا للتمويل الرقمي. وفي مقاله الأخير المنشور في صحيفة تا كونغ باو، أوضح ياو أن العملات المستقرة قادرة على الجمع بين شفافية تقنية البلوكتشين واستقرار أسعار العملات التقليدية. وتكتسب هذه الدعوة أهمية إضافية مع اقتراب موعد الخطاب السياسي المرتقب للرئيس التنفيذي جون لي في 17 سبتمبر، والذي يُتوقع أن يرسم ملامح الاستراتيجيات طويلة الأمد للتنمية الاقتصادية والمالية في هونغ كونغ.
وفي هذا السياق، أصبحت العملات المستقرة محورًا رئيسيًا في النقاشات العالمية حول مستقبل التمويل. إذ يرى المؤيدون أنها تشكل جسرًا بين الخدمات المصرفية التقليدية والأصول الرقمية، وهو ما يمنح هونغ كونغ فرصة فريدة للاستفادة من موقعها الراسخ كمركز دولي للرنمينبي. كما يعزز إطار “دولة واحدة ونظامان” من جاذبية المدينة، إذ يمكّنها من استقطاب الشركات المحلية والجهات الدولية الباحثة عن قناة للوصول إلى السوق الصينية. ويرى ياو أن العملات المستقرة لا تقتصر على دعم النظام المالي المحلي، بل يمكن أن تسهم في تحقيق الأهداف الاقتصادية الكبرى للصين، خاصة مع تزايد التوجه نحو تدويل الرنمينبي. وبذلك، قد تصبح هونغ كونغ ساحة اختبار رئيسية لنماذج مبتكرة من العملات الرقمية وتسويات المعاملات عبر الحدود.
علاوة على ذلك، يُعدّ هذا الاقتراح جزءًا من حزمة أوسع من التوصيات التي قدّمها ياو، حيث دعا الحكومة إلى مواءمة مسار نمو هونغ كونغ مع الخطة الخمسية الخامسة عشرة المقبلة للصين، التي ستوجّه التنمية الوطنية خلال نصف العقد القادم. كما طالب بوضع سياسات تهدف إلى جذب المزيد من المواهب العالمية وتعزيز النمو السكاني، معتبرًا هذه القضايا عناصر جوهرية لضمان القدرة التنافسية على المدى الطويل. وكتب ياو مؤكدًا: “هونغ كونغ ليست متفرجة، بل مشاركة في الخطة الوطنية”، مشددًا على أن دورها لا يقتصر على اغتنام الفرص فحسب، بل يتعدى ذلك إلى المساهمة في تشكيل مستقبل التمويل الرقمي في المنطقة.
ويتفق المحللون الماليون على أن طموح هونغ كونغ للتحول إلى “مركز مالي رقمي” ينسجم مع التوجهات السياسية والاقتصادية الأخيرة. فقد بدأت الحكومة بالفعل في وضع أطر تنظيمية للأصول الرقمية وإطلاق برامج تجريبية للترميز، ما يمهّد الطريق أمام تعزيز مكانة المدينة كمحور لإصدار العملات المستقرة. وفي حال تنفيذ هذه المقترحات، فإنها قد تمثل خطوة محورية في رسم ملامح هوية هونغ كونغ المالية للعقد المقبل. وفي انتظار خطاب جون لي المرتقب في سبتمبر، يتوقع المراقبون أن يحتل التمويل الرقمي مكانة بارزة ضمن أولويات السياسات المستقبلية للمدينة.
